أستاذي العزيز أستاذتي الفاضلة:
إن تدبير أول حصة مع المتعلمين وكيفية قضائها يشكل عائقاً وعقبة كبيرة أمامك، تفكر فيها ملياً، وترتعش أطرافك عند قرب الدخول او اللقاء، وهذا طبيعي لا تلام عليه، ولا تعاتب نفسك فيه، فكل مدرس إلا وشعر بذلك.. لكن من الضروري أن تعرف أن أول لقاء لك مع التعلمين يجب أن تدبره بكيفية تربوية معقلنة، ومنهجية محكمة،تبين فيه للمتعلم قوتك وتمكنك، فانطباع اللقاء الأول يظل راسخاً في ذهن المتعلم،ويعطيه إرتسامات عنك إيجاباً او سلباً، وعلى هذا يكون قرراه طيلة السنة الدراسية..فوجب أن تستعد له تربوياً بالتخطيط الجيد المحكم، ونفسياً بثقتك بنفسك وبمهاراتك الأساسية التي تعلمتها طيلة مدة التكوين الأساسي والأكاديمي، وإليك بعض الخطوات الإجرائية المهمة التي هي عُصَارةُ تجربة مهنية خذ منها ما تريد، وطورها وفق قدراتك وأسلوبك، ودع منها ما لاتريد وما لم تهواه نفسك:
- إنتظر المتعلمين حتى يهدؤون:
عند الدخول للقسم تبدأ بإلقاء التحية على المتعلمين،مع ابتسامة خفيفة غير مصطنعة. ولا تطلب من المتعلمين السكوت أو تدق في الطاولة لجذب انتباههم ومحاولة إسكاتهم، بل قف بجانب مكتبك أو السبورة وانظر إليهم،فتلقائياً سيبدأ الصمت يخيم على القسم ويفهمون أنك تريد التحدث.
- أكتب على السبورة بخط واضح وجميل عنوان الحصة على سبيل المثال: (عنوان الحصة: التعارف والتعاقد) أو ( التعارف وبيان أهمية المادة)
- رحب بالمتعلمين وهنئهم وتمن لهم التوفيق والسداد وأنك ستكون سعيداً هذه السنة بتدريسهم.
- عرفهم بنفسك:
وذلك عبر كتابة إسمك بخط واضح على السبورة وقراءته شفوياً.. مثال: (الأستاذ: عبد الفتاح أسدود، أستاذكم الجديد لمادة التربية الإسلامية...) ومن المستحسن هنا كتقنية للتنشيط أشتغل بها دوماً مع المتعلمين وتضفي المرح على الحصة ، وتعطي إنطباعاً جيداً لديك عندهم. أن تقوم بعمل دائرة تسميها دائرة التعارف، الذي يدخل وسطها يعرف بنفسه وزميله السابق الذي سبق وأن عرف بنفسه. يذكر فيها اسمه الشخصي وسنه والقيمة الإسلامية التي يحبها في نفسه(قيمة الصدق ، المحبة ...) لتشجيع المتعلمين على تمثل القسم واكتسابها ومعرفتها.. والمعرف بنفسه أخيراً يذكر جميع أسماء زملائه من بداية أول مع عرَّفَ إلى حيث انتهى إليه دوره..وإذا تذكر جميع أسماء أصدقائه يأخذ جائزة.(شكلاطة ، كتيب،قصة...)وهذه الطريقة تضرب فيها عصفورين بحجر واحد، يكون فيها تعارف مع الأستاذ وتعارف بين المتعلمين فيما بينهم، أي التعارف العمودي والأفقي.وفيها نوع من محاربة الرتابة والملل الذي يخيم على كافة الأقسام عند الحصة الأولى
- إشحذ همتهم وذكرهم بفضل العلم والتعلم:
عبر تذكيرهم بكون أن الله تعالى اختارهم وفضلهم على من سواهم من أبناء جيلهم ممن لم يكتب لهم الدراسة،لظروف عائلية أو صحية..ومن المستحسن هنا أن تربطهم بواقعهم المعيشي وانتظارات آبائهم والمجتمع منهم،(المجتمع لم يعد بحاجة إلى مزيد من النسخ ، قلة التربية أصبحت سائدة، بالدراسة تفقه نفسك وتفيد مجتمعك...) وأيضا تذكرهم بأحاديث نبوية تعزز بها حديثك وترفع بها قدرك، (فضل العالم على العابد... إن العلماء لم يورثوا...)
- إسألهم عن هدفهم من التعلم:
ويستحسن أن تكتب على السبورة عبارة:(ما هو الهدف الذي من أجله أنتم هنا؟) وتستقبل الإجابات بأسماء المتعلمين وبأسلوب التعزيز والمدح،وتبين هنا الفرق بين التلميذ الناجح والفاشل، والذي يأتي حاملأ هم أسرته ورغبة نفع مجتمعه، وبين الذي يأتي بأهداف أخرى (اكتساب السلوكات القبيحة..معاشرة الرفقة السيئة..استجابة لرغبة والديه فقط بدون همة ولا رغبة يشعر بها..قضاء الوقت واللعب..) مذكراً إياهم بأهمية التعب في نيل المبتغى وأن الذي لا يسهر الليالي لن ينال المعالي.
ذكرهم أنهم بصدد دراسة مادة ليست ككل المواد،لارتبطها بكلام الله وسنة نبيه،وأنها سبيل النجاة في الدين والدنيا، وسبب الرفعة ونيل رضاء الله ومحبة مخلوقاته..وأن كل المواد أهميتها دنيوية فقط، لاحظ لها في الآخرة شي وهكذا..(إن كنت بصدد تدريس مادة التربية الإسلامية وإن كانت مادة أخرى فبين فضلها وأهميتها، فكل مادة لها أهميتها التربوية وجانب تتميز به عن غيرها)
فالأستاذ الذي يقدر المتعلم ويتعامل معه تعامل الرشداء لا تعامل المراهقين،ويعطيهم فرصة للتعبير عن رأيهم والاستماع إليهم يكبر في عين المتعلمين ويكسبهم ثقة بنفسهم وبقدراتهم
- بيان أهمية المادة وفضل دراستها:
ذكرهم أنهم بصدد دراسة مادة ليست ككل المواد،لارتبطها بكلام الله وسنة نبيه،وأنها سبيل النجاة في الدين والدنيا، وسبب الرفعة ونيل رضاء الله ومحبة مخلوقاته..وأن كل المواد أهميتها دنيوية فقط، لاحظ لها في الآخرة شي وهكذا..(إن كنت بصدد تدريس مادة التربية الإسلامية وإن كانت مادة أخرى فبين فضلها وأهميتها، فكل مادة لها أهميتها التربوية وجانب تتميز به عن غيرها)- إسألهم عن رأيهم في المادة وانتظاراتهم منها:
فالأستاذ الذي يقدر المتعلم ويتعامل معه تعامل الرشداء لا تعامل المراهقين،ويعطيهم فرصة للتعبير عن رأيهم والاستماع إليهم يكبر في عين المتعلمين ويكسبهم ثقة بنفسهم وبقدراتهم- بين منهجية دراسة المادة والدروس المقررة لديهم.واسألهم عن الطريقة التي يحبون بها الدراسة: (العمل بالمجموعات ـ المسلاط العاكس ـ الطريقة العادية المرتكزة على الحوار والمناقشة..)
- الانتباه إلى ضرورة الحفاظ على الطبقة الصوتية الهادئة وتجنب رفع الصوت بدون داع لذلك، وتلاعب بطبقة الصوت حسب ما يقتضية المقام من خفض ورفع.
- وزع نظراتك على كل القسم ولا تركز على جهة دون جهة أو تلميذ دون آخر.
- ذكر المتعلمين أنهم كلهم سواسية عندك. مقياس التفاضل بينهم أساسه الاجتهاد والانضباط.
- لا تكن ليناً فتعصر ولا صلباً فتكسر:
بل كن حازماً في وقت الحزم، كأن ترى تصرفاً لم يعجبك فضع له حد هناك.. وذكرهم أنك ستتفق معهم على ميثاق عمل تلتزمون به طيلة السنة.وكن هيناً ليناً رحيماً في اللحظة التي تستدعي ذلك.
- التعاقد والاتفاق على ميثاق القسم:
تحدث معهم عن حقوقهم وواجباتهم تجاه المادة والفصل الدراسي والأستاذ، واترك لهم فرصة التعبير عن رأيهم وحقوقهم وواجباتهم ودونها على السبورة. فهذا هو جوهر اللقاء ولبه،بضبطه سترتاح طيلة السنة، وبفقده تعيش حياة الضنك والشقاء، وعند الانتهاء من اقتراح بنود وميثاق القسم ذكرهم بالعقوبات المترتبة عن الاخلال ببنوده وعدم تطبيقه..وأنك ستعلق نموذجاً منه في القسم لاتباعه وتذكره.(قد أعددت نموذجاً لميثاق القسم أشتغل بها يمكنك تحميله من هنا)
- ذكرهم باللوازم المدرسية الواجب إحضارها في المادة:
(الكتاب المدرسي ـ دفتر من فئة 200 ورقة جهة نخصصها للتمارين والجهة الأخرى للدروس ـ علاف خاص بالدفتر ويستحسن أن يكون موحداً لدى القسم كله...)وتجدر الإشارة إلى أنه من الجيد عدم إثقال كاهل المتعلم بالأدوات المدرسية مراعاة للأسر المعوزة وللفروقات الاجتماعية بين المتعلمين
- لا تعد طلابك بشيء ثم لا تفعله.
- كن قدوة لهم، فالفعل أهم من القول وأشد تثبيتاً وتأثيراً
- ذكرهم بسعادتك بتدريسهم وأنك فخور بتواجدك معهم.وأنك تتنظرهم بشوق في الحصة القادمة.
- ملاحظة:
ما ذكرت يصعب تطبيقه في حصة دراسية واحدة،بل هي إجراءات يمكن تطبيقها في حصتين أو أكثر، حسب الوقت المسموح به مع ضرورة التأكد من الحيز الزمني المخصص لكل مرحلة على حدة، حسب المقرر الوازاري المنظم للسنة الدراسي لكي تترك الوقت للتقويم التشخيصي ودعم تعثرات المتعلمين. وفقنا الله وإياكم لما فيه الخير ونفع الأمة، واعلم أن التدريس مهنة شاقة وممتعة،تأخذ أجرها عند ربك،فلتحسن أدائه وممارسته، ولتسحضر نية التقرب والتعبد،ولتعلم أن الله اصطفاك لمهمة الأنبياءوأداء رسالتهم،فكن قدوة في لباسك، وأسلوبك،وفعلك قبل قولك، وتذكر قول نبيك محمداً ﷺ : (إن الله وملائكته وأهل السموات والأرضين حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير)
تحميل بوربوانت رائع لتدبير أول حصة دراسية في مادة التربية الإسلامية